كفكِف دموعًا جرت في الخد كالوادي = وارفع جبينك، إذ تُنمى لبغدادِ
وانس المراثيَ، قد ولّت مجالسها = واقرأْ من الفخر ما يحلو لإنشاد
ما ذا زمان البكا ! فانفض دموعك وانْـ = شُر في الفضاء لحونَ القائد الحادي
أنت الإمامُ لنا، تروي محافلُنا = من طيب ذكرك ما يزهو به النادي
أنت الضياء الذي من نوره قبسٌ = للسائرين، وأنت الكوكبُ الهادي
يا قدوةً للذين استُضعفوا حقبًا = ملوا من القهر، واشتاقوا لأمجادِ
عدتْ عليهم ضباع الكون قاطبةً = وهم أسودُ الشرى تغلي بأحقاد
حتى رأوا فيك – والإظلام يكنفهم - = نارا على علم تبدو لمُرتاد
علّمتهم أن عيش الذل ما اكتملتْ = رياه قطّ، ولا دامت لمنقاد
علمتهم أن طعم العز في أسل = ظمأى، وجرد عتاق تملأ الوادي
النصر في مدفع يَرمي الحتوفَ، وليْـ = ـسَ اليومَ في صُحف تتلى وأوراد
الفتح في ساعدٍ يشتدّ، لا خطب = تروي حكايات آباءٍ وأجداد
المجد في سهر الليل البهيم على = ثغرٍ يعدّ التَّوى فيه لأوغاد
يُرمون فيه بضرب لا انكسار له = يُصمي الأعادي، ويروي غُلة الصادي
وتلتقي فيهم الأسياف مصلتة = فيها فراقٌ لأرواح وأجساد
علمتهم رفع هامٍ طالما انبطحتْ = للظالمين، لأحقابٍ وآباد
علمتهم شرب كأس العز مترعةً = وإن أديرت بتشريد وإبعادِ
علمتهم أن توحيد الإله يُنا = في ذلةً لطواغيت وأنداد
هذي المهانةُ معْ توحيد خالقنا = - عند التدبر – جمعٌ بين أضداد
أسمعتَهم بلسان الفعل تذكرةً = تغنيهم عن مواعيظ وإرشادِ
حتى مضوا ينشدون الفجر مؤتلقًا = تزول من نوره غفْلاتُ رُقّاد
وأقبلوا ينثرونَ البشرَ في أملٍ = واستبدلوا بالبكا، ترنيمة الشادي
يا أيها البطل المغوارُ: دمتَ لهم = ليثا هِزبرا، وطودًا بين أطوادِ
شوال 1428