الخميس، 24 يناير 2002

مات الإمام (رثاء الشيخ حمود بن عبد الله العقلا الشعيبي)


يا عينُ جودي، فإن القلبَ منفطرُ = وليسَ يشفيه غير الدمعِ ينهمرُ
وكيف يُشفى من الأحزان ذو كَمَدٍ؟ = أم كيف يُطفى لهيبُ النار تستعرُ
وهل ترد الدموعُ فجعَ غائلةٍ؟ = أم يصرفُ النائباتِ الحزنُ والسهرُ؟
هي المنايا على المُنى مُحكمةٌ، = فلذةُ العيشِ شاب صفوها الكَدَرُ
والموتُ حق على العباد مُنحتمٌ، = فلا التوقِّي يرده ولا الحذرُ
كم من فتىً مُصبحٍ في بحر غفلته، = وموتُه الليلَ في الكتابِ مستطرُ
وجامعٍ دنس الدنيا لِوارثه، = والقبرُ عمَّا قليل سوف يُحتفَر
وخائضٍ في الدنى، ولا نصيبَ له = مِن زادِ أُخراه، والرحيلُ منتظرُ
كم من ظنون أحان الموتُ زخرفَها، = والظنُّ يخرسُ حينَ ينطقُ القدرُ
***
مات الإمامُ، فسورُ العلم منثلمٌ، = والحقُّ باك، وعَظمُ الدينِ منكسرُ
مات الإمام، فصارمُ الجهادِ به = فلٌّ، وعينُ الهدى في الدمعِ تنغمر
مات الإمام، فمن للكفرِ يردعه؟ = ومن لِداء النفاقِ حين ينتشر؟
من للضلالِ يميط ظلَّ سدفتِه = كما يزيلُ سوادَ الدلجةِ القمرُ ؟
من للجهالات بالبرهان ينسفها = فتُسلم الروح، لا عينٌ ولا أثرُ؟
من للكلاب من الأحجار يُلقِمها؟ = والكلبُ يخرسه – إذا عوىالحَجَرُ
من للأعادي إذا ما ذرَّ قرنهمُ؟ = من للأُلى جاهروا بالفسق أو كفروا؟
مات الإمام، وكان حجةً عَلَما = بحرًا من العلم لا يشوبه الكدر
قد كان يُبصَر عند كل معتركٍ = ليثاً، إذا استأسد النعامُ والحُمُرُ
وكان يُقصد عند كل نائبةٍ، = فيَجترِي، إن تولَّى مَن به خَوَرُ
وكان بالعلم يُحيي سُنَّةً دَرَست = كما يغيثُ مواتَ البَلقَعِِ المطرُ
وكان تُرجى الفتاوى منه زاهرةً = كالدرِّ في اللمعان، بل هي الدُّرر
المجد غايتُه، والحق رايته = والعُرْف عادته، وكُتْبه غُرر
وصَدعُه بالهُدى صِرفاً، وإن رَعدتْ = له أنوفٌ، بكلٍّ الكون مٌشتهِرُ
***
إنَّا إلى اللهِ راجعونَ، فاصْطبري = يا نفسُ، ما فاز إلا المَعشرُ الصُّبُرُ
مات الإمام، وما ماتت مواقفُه = والفكرُ يبقى إذا ما غابتِ الصُّوَرُ
فلست أرثيهِ، إنما الرثاءُ لمن = فؤادُه بالهوى والغَيِّ مُنصَهرُ
10 ذو القعدة 1422