أيا دمعةً بين الجفون لها سرُّ = ألا سلت فوق الخدّ، قد نفِد الصبرُ
وولّى زمان الستر من غير رجعة = فلا يصلح الكتمانُ منك ولا السَّتر
أما زلتِ تخشين الفضيحةَ في الورى = وتخفين طيَّ السر ما حقُّه النشرُ
فإن غضون الوجه مني دلائل = بأن الثرى من تحته يضرم الجمرُ
وإن انكسارا في الملامح بائحٌ = بذنب دفين ذاب من حره الصدر
ومهما يكن في القلب من شوب ريبة = يحمل على الأكتاف من ذلها وقرُ
ركبت من العصيان كل مطية = فيا ليتني أدري إلى أين ذا السيرُ!!
وخضت بحار الإثم في الغي هائماً = فمن لغريق قد أحاط به البحرُ؟!
وألقى بي التسويف في لجة الهوى = وسارت بي الآمال حتى انقضى العذرُ!!
ومالت بي الدنيا حثيثا، وثغرها = ضحوك، وفي أعماقها الفتكة البكرُ
ولكن بدا في الأفق بارق توبة = وكم من ظلام بعده بزغ الفجرُ
أتاني بها شهر المكارم والتقى = فيا حبذا التقوى!، ويا حبذا الشهرُ!
ثلاثون شمسا للفضائل أقبلتْ = فيا ليت شعري كيف جاء بها بدرُ؟!
أتى رمضانٌ موسم الخير والهدى = فهب على الأكوان من طيبه نشرُ
وعم قلوبَ العالمين ضياؤه = وسُلت سيوف الحق يزهو بها النصرُ
فلستَ ترى إلا صلاحا وتوبةً = وفي كل ناد ينشر العلم والذكرُ
وغُلت شياطين الغواية كلها = فشُل الهوى والفسق والزور والغدرُ
ونادى مناد: ''يا ظلوما لنفسه = أفق من سبات الغي، قد أوشك الحشرُ!!
وأقبلْ على الرحمن إن كنتَ طالباً = لرحمته، من قبل أن يحفر القبرُ!
وذرْ داعي الآثام من غير رجعة = وفِر إلى الغفار كي يغفر الوزرُ''
فيا رب، راجي العفو بالباب سائلٌ = فلا تخزه بالرد، إن الجفا مُرُّ
وأكرمه، إن الجود منك عطيةٌ = تؤملها النفس التي نالها الفقرُ
وتب يا عظيم الجود والفضل إنني = ثقلتُ بأوزاري، وحاق بي العسرُ
ويا بارئي، لا تجزني بالذي مضى = عسى أن يكون التربُ من تحته التبرُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق