الخميس، 24 ديسمبر 1998

توبة


أيا دمعةً بين الجفون لها سرُّ = ألا سلت فوق الخدّ، قد نفِد الصبرُ

وولّى زمان الستر من غير رجعة = فلا يصلح الكتمانُ منك ولا السَّتر

أما زلتِ تخشين الفضيحةَ في الورى = وتخفين طيَّ السر ما حقُّه النشرُ

فإن غضون الوجه مني دلائل = بأن الثرى من تحته يضرم الجمرُ

وإن انكسارا في الملامح بائحٌ = بذنب دفين ذاب من حره الصدر

ومهما يكن في القلب من شوب ريبة = يحمل على الأكتاف من ذلها وقرُ

ركبت من العصيان كل مطية = فيا ليتني أدري إلى أين ذا السيرُ!!

وخضت بحار الإثم في الغي هائماً = فمن لغريق قد أحاط به البحرُ؟!

وألقى بي التسويف في لجة الهوى = وسارت بي الآمال حتى انقضى العذرُ!!

ومالت بي الدنيا حثيثا، وثغرها = ضحوك، وفي أعماقها الفتكة البكرُ

ولكن بدا في الأفق بارق توبة = وكم من ظلام بعده بزغ الفجرُ

أتاني بها شهر المكارم والتقى = فيا حبذا التقوى!، ويا حبذا الشهرُ!

ثلاثون شمسا للفضائل أقبلتْ = فيا ليت شعري كيف جاء بها بدرُ؟!

أتى رمضانٌ موسم الخير والهدى = فهب على الأكوان من طيبه نشرُ

وعم قلوبَ العالمين ضياؤه = وسُلت سيوف الحق يزهو بها النصرُ

فلستَ ترى إلا صلاحا وتوبةً = وفي كل ناد ينشر العلم والذكرُ

وغُلت شياطين الغواية كلها = فشُل الهوى والفسق والزور والغدرُ

ونادى مناد: ''يا ظلوما لنفسه = أفق من سبات الغي، قد أوشك الحشرُ!!

وأقبلْ على الرحمن إن كنتَ طالباً = لرحمته، من قبل أن يحفر القبرُ!

وذرْ داعي الآثام من غير رجعة = وفِر إلى الغفار كي يغفر الوزرُ''

فيا رب، راجي العفو بالباب سائلٌ = فلا تخزه بالرد، إن الجفا مُرُّ

وأكرمه، إن الجود منك عطيةٌ = تؤملها النفس التي نالها الفقرُ

وتب يا عظيم الجود والفضل إنني = ثقلتُ بأوزاري، وحاق بي العسرُ


ويا بارئي، لا تجزني بالذي مضى = عسى أن يكون التربُ من تحته التبرُ

5 رمضان 1419

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق